ما يجري على قطر حصار لا مقاطعة
المقاطعة لغة: تحمل معاني الترك والتخلي ووقف التعامل أو التعاون مع دولة أو جماعة أو شركات أو أفراد. وللمقاطعة أشكال عدة إقتصادية أوتجارية ومالية وسياسة تشمل وقف التبادل التجاري أوالمعاملات المالية أوالعلاقات الدبلوماسية، ومن أمثلة قطع التبادل التجاري وقف شراء واستيراد سلع تلك الدولة ووقف تصدير السلع المحلية إليها. ومن أمثلة قطع المعاملات المالية منع أسواق الصرافة والبنوك من تداول عملة تلك الدولة أو سنداتها المالية أو أسهم شركاتها. ومن أمثلة قطع العلاقات السياسية سحب السفراء ووقف وتعليق اتفاقية التعاون الموقعة مع تلك الدولة. لكن كل هذه الإجراءات لا تشمل إغلاق المنافذ البرية والطرق البحرية والمجال الجوي للدول القائمة على الحصار، ولا تشمل حظر التعامل مع طرف ثالث قام بالتعامل مع الدولة التي جرى مقاطعتها، ولا عزل مواطنيها عن محيطهم الإقليمي وقطع روابطهم الإسرية في دول الجوار، ولايشمل تعسير إجراءات دخولهم فهذه الإجراءات الإضافية المتطرفة تدخلنا في إجراء آخر أكثر قسوة وعدوانية من المقاطعة ألا وهو "الحصار".

الحصار لغة: تفيد معاني المقاطعة والحبس والتضييق والمنع والإكراه. وهذه المعاني أكثر شمولية من المقاطعة. والحصار نوعان "كلي أو جزئي" فالحصار الكلي يكون في حالة الحرب فقط وباستخدام الادوات العسكرية لمنع استخدام الموانيء والمطارات والمنافذ البرية لإرغام دولة على الإستسلام دون قتال. وهذا النوع لا ينطبق على الحالة القطرية. أما الحصار الجزئي وهو بشع بما يكفي عندما يكون بإغلاق المنفذ البري الوحيد لدولة ما ثم محاولة إحكامه بإغلاق المجال الجوي من قبل الدول المجاورة لدولة صغيرة تعتمد بشكل كبير على المجال الجوي لدول الجوار. يتمثل الحصار الجزئي في التضييق و الخنق وهما أقرب للحصار منها للمقاطعة، كونهما ينطويان على إجراءات متطرفة تفوق ما في المقاطعة من وقف التعامل أوالتعاون فقط، كإغلاق المنافذ البرية والطرق البحرية والمجال الجوي للدول القائمة على الحصار لاسيما إن كانت هذه الدول مجاورة للدولة المحاصرة، ومنع التعامل مع أي طرف ثالث قادم من حدود الدولة الواقعة تحت الحصار، بالإضافة لمحاولة عزل مواطنيها عن محيطهم الإقليمي وقطع روابطهم الإسرية، ومنع أو تعسير إجراءات مرورهم في الدول التي اتخذت اجراءات خانقة.

وعليه، فإن الحصار الجزئي المتمثل في التضييق أو الخنق هو ما ينطبق تماما على الحالة القطرية، فالإجراءات التي أتخذت ضدها تهدف إلى خنقها وتعمد الإضرار بها ومحاولة تدمير بنيتها الإقتصادية غير النفطية ولكون الخنق شكل من أشكال الحصار فإن الوصف الصائب لتلك الإجراءات الظالمة ضد قطر "حصار إقليمي".
أخيرا: ما وقع على الشقيقة قطر هو حصار ومقاطعة؛ فالمقاطعة كانت بسحب السفراء، والحصار الإقليمي وقف دول الجوار العلاقات التجارية معها وإغلاق المنفذ البري الوحيد والمجال الجوي وعزل مواطنيها.
مراجع للاستزادة:
- تونكين، القانون الدولي العام
- جون ماري هنكرتس ولويز دوزوالديك، القانون الدولي الإنساني العرفي.
- حولية لجنة القانون الدولي، المجلد الثاني- الجزء الأول (الأمم المتحدة 1992).
تعليقات
إرسال تعليق
تسعدني قراءتك وتفاعلك مع المقال