الحكومة السعودية تقتل صحفيا آخر: الصحفي تركي الجاسر


قطع رأس الصحفي السعودي تركي الجاسر الحكومة السعودية تقتل صحفيا آخر وهذه المرة بحكم قضائي




إنَّ ما حصل للصحفي والكاتب والمفكر السعودي تركي الجاسر هو إحدى أكثر الجرائم بشاعة التي طالت الفكر والمعرفة في هذا العهد بعد جريمة استدراج الإعلامي #جمال_خاشقجي لقنصلية بلاده وقتله غدراً وتقطيعه وإخفاء جثته التي مازال الناس يطالبون بها. كيف يُعقل أن يكون مصير إنسان – لم يطالب سوى بحقوق المرأة، وبإصلاحات اجتماعية تحترم الإنسان بكرامته – هو السجون والموت في ظروف غامضة وغير قانونية؟ كيف يمكن لنظام أن يمارس القمع بأبشع صوره، ويتفنن في تحطيم أصوات من يطالبون بالعدالة؟ تركي الجاسر، الذي دافع عن الحرية وحقوق الإنسان، عُذب وقتل بشكل بشع، والأنكى من ذلك، تُستخدم تهم ملفقة وواهية لشرعنة هذه الجريمة البشعة.

تركي الجاسر: جريمة قتل مغطاة بتهم واهية وبيان قد يغطي على جريمة وقعت في أكتوبر 2018 وليس اليوم جون 2025 بعد ارتفاع عدد من توفى من #معتقلي_الرأي في السجن أو بعد خروجه بفترة قصيرة.

تركي الجاسر هو صحفي، كاتب، ومفكر سعودي، كان ناشطًا في مجال حقوق الإنسان، ويدعو إلى تحرير النساء من القيود الاجتماعية التي لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية. كان الجاسر يروج لفكرة الإصلاح السياسي والاجتماعي في المملكة، مؤكدًا على أن الرجل والمرأة متساويان في الكرامة والمصير الأخروي. نشر مقالاته عبر مدونته "نافذة" التي أنشأها في مارس 2013، والتي تركز على قضايا حقوق الإنسان والإصلاح الاجتماعي. في بداية مدونته، حققت نجاحًا كبيرًا، حيث نشر 35 مقالًا في العام الأول، وزادت مقالاته لتصل إلى 86 في عام 2014. لكن في 2015، مع تولي الملك سلمان الحكم، انخفض عدد مقالاته بشكل كبير ليصل إلى 13 مقالًا فقط، ثم توقفت كتاباته تمامًا بعد هذا العام.





رابط مدونته: https://turkialjasserj.blogspot.com/

كان الجاسر يكتب بشكل منتظم في تويتر من خلال حسابه @TurkialjasserJ، حيث كانت آخر تغريدة له تدعو إلى حقوق المرأة، وكان يطالب بالتخلص من الأعراف التي قيدتها، مشيرًا إلى أن هذه القيم ليست دينية بل اجتماعية. ختم مقالته قائلاً: "الرجل والمرأة متساويان في الكرامة والتكليف والمصير الأخروي. التفضيلات بين الجنسين قدرية، لا علاقة لها بالقرب من الله. حقوق المرأة في الإسلام مستمدة من مرجعية ربانية ثابتة لا تحتكم للأعراف أو الأهواء، ولا يحتكر تفسيرها جنس دون آخر. الانحرافات في فهم أو تطبيق هذه الحقوق نتاج خلط اجتماعي، وجهل ديني، أو ضغوط سياسية، ولا بد من العودة للمنهجية الشرعية النقية لمعالجة هذا الخلل."




في مارس 2018، تم اعتقال الجاسر في حملة اعتقالات واسعة، حيث اُتهم بالتحريض ضد النظام وتأسيس حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى التشهير بالسلطات. في أكتوبر 2018، انتشر خبر مقتله في المعتقل تحت التعذيب، حيث أشير إلى أنه تعرض لشتى أنواع التعذيب حتى فارق الحياة في نفس الشهر الذي قُتل فيه الصحافي جمال خاشقجي. ,وكيبيديا مازالت تذكر أن تركي بن عبد العزيز الجاسر هوَ صحفي سعودي اعتُقل وعُذّب حتى الموت أثناء احتجازه في أحد السجون السعودية. جاءَ خبر وفاته بعد شهرٍ واحدٍ فقط من مقتل صحفي سعودي آخر وهوَ جمال خاشقجي الذي اغتيل في قنصليّة بلاده في إسطنبول.

ومن الجدير بالذكر أيضًا أن هناك إشاعات تدور حول أن الجاسر كان يدير حسابًا معارضًا للنظام يُعرف باسم "كشكول" (@coluche_ar) وكان يُعتقد أنه عذب ليقر بذلك حتى مات تحت التعذيب في أكتوبر 2018. هناك إحدى الحسابات المعنية برصد الحالة الحقوقية في السعودية زعمت بأن أسرته تلقت اتصالا منه في 2021 بعد أن ظنوا أنه قتل، أخبرهم بأنه بخير، إلا أن هذا الادعاء لم يتم تأكيده من مصادر مستقلة.

الجاسر إنسان بسيط وما يقوله يعلم كل السعوديين أنه كان أمراً عاديا وغير مجرم حيث كان معظم الشعب السعودي متعاطفا مع ما يتعرض له الشعب السوري من وحشية من قبل نظام بشار الأسد والمليشيات التي استجلها من الخارج.



في 14 يونيو 2025، نشرت وزارة الداخلية السعودية بيانًا بإعدام الجاسر بقطع رأسه بزعم ارتكابه جرائم إرهابية تمثلت في التخابر مع جهات خارجية وتلقي أموال لتمويل أنشطة إرهابية. لكن الحكومة لم تقدم أي تفاصيل واضحة أو أدلة على هذه التهم، كما لم يتم نشر محاضر محاكمة أو محاكمة علنية، مما يثير العديد من التساؤلات حول مصداقية هذه الاتهامات.

ً

هذه التهم بهتان، تهم زائفة مُرسلة لا يسندها دليل ولا حتى وقائع إنما من محض خيال قتلته لتبرير جريمتهم الشنعاء عندما قتلوه في أكتوبر 2018 تحت التعذيب ليعترف بظنونهم الغبية بأن له علاقة بقطر وبحساب يدعى كشكول.

بهتان وحكم جائر، وسفك للدماء المؤمنين دون وجه حق. إفساد في الأرض بسفك دماء الأبرياء اعتباطا، "لهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون من قتل المسلم".

النقد القانوني لقضية تركي الجاسر

غياب الشفافية في المحاكمة:
وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، يُفترض أن يكون كل متهم أمام محكمة علنية، حيث يتم نشر جميع الأوراق الرسمية المتعلقة بالقضية مثل محاضر المحاكمة، بما في ذلك الأدلة والشهادات. في قضية الجاسر، لم يتم تقديم تفاصيل واضحة بشأن محاكمته، ولا يعرف المواطنون أو العالم الخارجي كيف تمت المحاكمة أو أي محامٍ تم تعيينه له. غياب هذا النوع من الشفافية يعزز الشكوك حول نزاهة النظام القضائي في المملكة في التعامل مع المعارضين.

التعذيب أثناء الاحتجاز:
هناك تقارير متواترة تفيد بتعرض الجاسر للتعذيب في السجون السعودية، مما يعد خرقًا صارخًا للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب والعقوبات أو المعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. أي اعترافات يتم الحصول عليها تحت التعذيب تُعتبر غير قانونية في معظم الأنظمة القانونية، ولا ينبغي أن يتم استخدامها كدليل في محاكمة شخص ما. وفي حالة الجاسر، يثار تساؤل كبير حول مشروعية اعترافاته المزعومة.

التهم الفضفاضة:
الاسترسال في التهم الفضافضة لقم حرية التعبير. التهم التي وُجهت للجاسر مثل "التخابر مع جهات خارجية" و"تمويل الأنشطة الإرهابية" تظل غير محددة ودون أدلة ملموسة. عدم تقديم تفاصيل واضحة حول تلك التهم يجعل من الصعب تصديقها. النظام القانوني الدولي يعترف بأن "التهم العامة" مثل هذه يجب أن تُبسط في محاكمة عادلة وفي محكمة مستقلة، مع أدلة واضحة لدعم الاتهامات. ولا يجوز للسلطات أن تستخدم تهمًا مبهمة كهذه للتضييق على حرية التعبير.

عدم وجود محاكمة عادلة:
يُعد غياب محاكمة عادلة انتهاكًا لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي. وفقًا للمادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يجب أن يتمتع المتهم بحق محاكمة علنية، وأن يُمنح الحق في الدفاع عن نفسه. في حالة الجاسر، لم يُسمح له بحضور محاكمة عادلة أو حتى تقديم دفاعه. علاوة على ذلك، لم يتم الإعلان عن موعد المحاكمة أو تقديم دليل قاطع على الإجراءات القانونية التي اتبعتها السلطات.

النقد الحقوقي لقضية تركي الجاسر

الاستهداف على أساس حرية التعبير:
يبدو أن الجاسر كان مستهدفًا لمواقفه السياسية وأفكاره حول الإصلاح الاجتماعي وحقوق المرأة. في كثير من الأحيان، يتم قمع حرية التعبير من خلال استخدام التهم الموجهة ضد الأفراد الذين يطالبون بالتغيير أو الذين يختلفون عن توجهات الدولة الرسمية. هذا النوع من القمع يتعارض مع الحق في التعبير عن الرأي المكفول في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يعترف بحرية الأفراد في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم.

التعذيب كوسيلة لقمع الرأي:
يُعد تعذيب الجاسر في السجون السعودية جزءًا من سياسة قمع المعارضة، وهو خرق صارخ للاتفاقيات الدولية التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية، مثل اتفاقية مناهضة التعذيب التي صدقت عليها المملكة. جريمة قتل الجاسر تحت التعذيب تُعتبر جريمة ضد الإنسانية في ظل القوانين الدولية، ولا ينبغي أن تُترك دون تحقيق شامل وشفاف.

القمع الممنهج لحقوق الإنسان:
قضية الجاسر تأتي في سياق أوسع من قمع حقوق الإنسان في السعودية، خاصة فيما يتعلق بمعتقلي الرأي. بينما تُعلن المملكة عن إصلاحات اقتصادية واجتماعية، فإن القمع الممنهج لحرية التعبير يبقى مشكلة مستمرة. تعبيرات المعارضة، مثل تلك التي كان يروج لها الجاسر بشأن حقوق المرأة والإصلاح السياسي، تُقابل بتعاملات قاسية قد تصل إلى التعذيب أو القتل. إضافةً إلى ذلك، لم يعد قمع حرية التعبير محصورًا في السجون فقط، بل بات يمتد إلى اعتقال الأفراد لمجرد الكتابة أو التغريد بما يجول في خواطرهم، أو حتى التعبير عن أحلامهم ومشاعرهم تجاه مستقبل بلدهم.

في الختام:
إنَّ هذه الجريمة الكبرى في حق الكاتب الصحفي والمفكر تركي الجاسر، لا تُمثل فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بل هي أيضًا محاولة لتغطية جريمة قتلٍ سابقة تعرض لها هذا الإنسان الكريم في أكتوبر 2018. ما نراه اليوم من تصريحات حكومية مشبوهة حول "العدالة" في قضيته، ما هي إلا محاولة لإخفاء الحقيقة التي بدأت تتكشف على مرّ السنين. وفي ظل تصاعد اعتقالات الرأي في المملكة، أصبح واضحًا أن النظام يواصل قمع كل من يجرؤ على التعبير عن أفكاره أو أحلامه في التغيير، حتى وإن كان ذلك عبر منصة تويتر أو من خلال مدونة إلكترونية صغيرة.

إذا كانت جريمة قتل تركي الجاسر قد مرت دون محاسبة حقيقية أو تحقيقات شفافة، فإن التاريخ لا ينسى، والمجتمع الدولي اليوم مطالب بالضغط على النظام السعودي للكشف عن تفاصيل محاكمة الجاسر وإطلاق تحقيقات دولية مستقلة تكشف الحقيقة وتعيد الاعتبار له ولعائلته.

إنَّ قضية الجاسر هي واحدة من القضايا التي تثير قلقًا بالغًا حول مصير الصحافة وحرية الرأي في المنطقة. وتبقى صرخات الوجع التي أطلقها في دفاعه عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، نبراسًا يضيء طريق الأحرار في السجون والمعتقلات، ويستمر في رفع الراية الحمراء التي تشير إلى ضرورة التغيير والإصلاح في الأنظمة القمعية.

إنَّنا بحاجة إلى تحقيق العدالة الحقيقية، ليس فقط للجاسر، بل لكل معتقلي الرأي في السعودية، وأينما كانت الأصوات الحرة تُسحق تحت وطأة التعذيب والتهم الملفقة. لن نتوقف عن المطالبة بالحرية والعدالة، ولن تُغطي الأكاذيب والتهم الزائفة الجريمة التي ارتُكبت بحق إنسان اختار أن يكون صوته قويًا في وجه الظلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيرة المحامي إسحاق الجيزاني - مع بعض الذكريات

أسباب إنقلاب الأنظمة العربية على جماعة الإخوان المسلمين