الحكم في أكبر قضية رشوة في نيوزيلندا
الحكم في أكبر قضية رشوة في نيوزيلندا
لنتعلم من الدول التي تحتل المراتب الأولى في مؤشرات
الشفافية ومكافحة الفساد
ستيفن بورليز "المقاول" على اليمين وموري نوون "الموظف الحكومي" على اليسار
أرسل اليوم رجلان إلى السجن بعد
إدانتهما في أكبر قضية رشوة في نيوزيلندا...
هكذا أفتتحت اليوم (نيوزيلند هيرلد) أخبارها
في هذا الصباح حكمت القاضية بالمحكمة العليا في مدينة أوكلاند (سالي فيتزجيرالد) بسجن (ستيفن مورلينز) خمس سنوات وستة أشهر، وبسجن (موراي نوون) خمس سنوات.
كان (مورلينز) يدفع إلى (نوون)
حوالي 100,000$ دولار سنويا في شكل (أتعاب استشارية) على مدى سبع سنوات، بالإضافة إلى
العديد من الرحلات الدولية و "وجبات الغذاء الطويلة" عندما كان (نوون)
يعمل في (المجلس المحلي لمدينة أوكلاند) ثم عندما انتقل إلى إدارة النقل التابعة للمدينة.
وعلى خلفية عقود (المجلس المحلي)
نمت شركة (بورلينز) من عمليات صغيرة بالكاد اندلعت لتحقق أرباح سنوية تصل إلى 3,8$
مليون دولار حتى تم اكتشاف المخالفة في العام الماضي.
وقد ظهرت المخالفة على الضوء بعد
أن أخذ (نوون) عطلة في 2013 وتولى محله أحد زملائه الذي أعلن عن تحفظه على عدد من
المدفوعات "المستخلصات" التي تنتظر موافقة القسم لصرفها إلى شركة
(بروجينز) التي يديرها المدعو (مورلينز). وقد أسفر تحقيق لاحق أجري مع المدعو (بيرري
جورج) نائب (نوون) عن اعترافه بتلقي مئآت الآلاف من الدولارات ثمثلت في هدايا غير
معلنة -معظمها سفريات دولية- مقدمة من (بورلينز). وعلى إثرها فصل الإثنان من قسم
الطرق وأحيلا إلى مكتب مكافحة جرائم الإحتيال الخطيرة.
بعد أن حقق مكتب مكافحة جرائم
الاحتيال الخطيرة مع
المدعو (موراي نوون) المدير السابق لقسم الطرق في إدارة الطرق بمدينة أوكلاند
النيوزيلندية، ومع المدعو (ستيفن مورلينز) المدير التنفيذي السابق لشركة المقاولات (بروجينز)
تمت إدانتهما في ديسمبر الماضي 2016 -أي قبل ثلاثة أشهر- بستة وثمانية تهم على التوالي
بـ(ـتقديم وأخذ) رشوة تزيد على الميلون دولار نيوزيلندي.
وفي هذا الصباح حكمت القاضية
بالمحكمة العليا في مدينة أوكلاند (سالي فيتزجيرالد) بسجن (ستيفن مورلينز) خمس
سنوات وستة أشهر، وبسجن (موراي نوون) خمس سنوات.
وقد ادعى الثنائي خلال محاكمتهما أن علاقتهما
المالية كانت أعمال استشارة وكانت علانية ولم تكن لها علاقة بعقود "المجلس
المحلي لمدينة أوكلاند".
فذكرت القاضية (فيتزجيرالد) في
حكمها الصادر اليوم: أن هذا الدفع "لايمكن تصديقه".
وقالت: إن عدم وجود أي مستندات
تؤيد هذا الدفع رغم سبع سنوات من العمل، وأكثر من مليون دولار سلمت إلى (نون) "يتحدى
المنطق السليم".
كما أشارت القاضية (فيتزجيرالد)
إلى أن: المبالغ المعنية تجاوزت أي إدانة محلية أخرى للرشوة والفساد لإضرارها
بالمؤسسات المدنية وبسمعة نيوزيلندا الدولية. إن المخالفات من هذا النوع له تأثير
على نطاق واسع يلحق الضرر بسمعة نيوزيلندا بشكل عام كمكان يقل فيه الفساد أو يكاد ينعدم.
وقالت: أن (موراي نوون) أدرك حجم
الذنب الذي أقترفه لكن ربما الأمر لم يكن نفسه مع (ستيفن مورلينز) الذي قالت له في
إحدى الجلسات وفقا لمحاضر المحكمة: أنت تستمر في إنكار جميع المخالفات التي
ارتكبتها محاولا تبرير سلوكك بإلقاء اللوم على الآخرين.
وخلال المحاكمة التي استغرقت ثمانية أسابيع ألقى المدعي العام (براين ديكي) اللائمة على ما أسماه "ثقافة
الفساد" في (قسم الطرق) بـ(ـالمجلس المحلي لرودني) وإدارة النقل بمدينة
أوكلاند. وحددت التحقيقات الشاملة التي أجراها المدعي العام مئآت الآلاف من
الدولارات التي أنفقتها شركة (بروجينز) لترفيه موظفي المجلس وخلصت إلى أنها كانت من تدبير المتهمين.
لقد جاء الحكم مختلفا على نحو
غير اعتيادي حيث سعى المدعى العام إلى سجنهما سبع سنوات، وسعى محامي الدفاع إلى سجنهما
ثلاث سنوات.
وقد علق المدعي العام (براين
ديكي) على ذلك بقوله: "لا بأس، أن هذا الإختلاف يفسر مدى أهمية رؤية كل جانب
لهذه المخالفة. لقد كان
المذنبان مفرطين في الحماسة والسلوك التجاري المضلل. هذه لم تكن سرقة سلعة من
متجر، ولم تكن إختلاس، هذه المخالفة مست قلب الخدمة الحكومية في نيوزيلندا
وأخلاقياتها".
وبعد انتهاء جلسة النطق بالحكم قالت
مديرة مكتب التحقيقات في جرائم الأحتيال الخطيرة (جولي ريد): "أن هذه القضية يجب
أن تبدو كنوع من التحذير للأعمال الأخرى".
وقالت: "أن الضيافة الغير
لائقة والرشوة في مثل هذه القضية يمكن أن يبدو وكأنهما جزء من الأعمال الاعتيادية
التي يصعب كشفها لكننا نعتقد أن كل موظف مسئول عن
تحديد المؤشرات الحمراء".
وعلق مدير البنية التحتية للنقل
في أوكلاند السيد (غريغ أدموند) الذي كان يشرف على (نوون) بقوله: "في صمم هذه
القضية يكمن انتهاك خطير للثقة من جانب شخصين كانت تصرفاتهما لاتشير لحدوث أي نوع
من الفشل الممنهج".
بيري جورج يتحدث عن أول مرة تمت
فيه رشوته. يقول: في 2008 عندما كان في جولة عمل سلمه (ستيفن بورلينز) مظروف احتوى
على قسيمة سفر باهضة.
وقد أنهت صحيفة (نيوزيلند هيرالد)
بخبر إغلاق أكبر قضية رشوة في نيوزيلندا بالتالي:-
في الشهر الماضي جماعة الضغط
المعنية بمكافحة الفساد ممثلة في منظمة الشفافية العالمية صنفت نيوزيلندا
باعتبارها الدولة الأقل.
أضيف أن نيوزليندا منذ سنوات
طويلة وهي تتنافس على المركز الأول في مؤشر النزاهة والشفافية مع فينلندا أحيانا
يتشاركان المركز الأول وأحيان تنفرد به الأخرى.
الهدف من ترجمة هذا الخبر:
التوعية والاقتداء بالدول الأكثر
نزاهة وشفافية في العالم في تعاملها مع المفسدين وقضايا الفساد. هذه القضية تعتبر أكبر قضية رشوة في نيوزلندا،
ورغم تعقيد قضايا الرشوة بشكل عام وتعقيدها بشكل خاص في هذه القضية لأسباب أهمها
أن الرشاوى كانت تسلم وتستلم على مدى سبع سنوات ولتنوع صور الرشاوى التي كانت تقدم
في قوالب متعددة واعتيادية لا يمكن أن يتصور الآخرون بسهولة أنها رشاوى. ونستفيد
من هذه القضية التالي:-
1- سرعة
المحاكمات حيث استغرقت ثمانية أسابيع حتى أغلق باب المرافعة وصدر الحكم الابتدائي
فيه. ثم قرابة تسع أسابيع لاستئناف حكم الإدانة وصدور الحكم النهائي من المحكمة
العليا.
2- قسوة
المدعي العام والقضاة مع المفسدين النابع من حرصهم على استمرار ثقة الناس في أجهزة
الدولة وثقة المستثمرين ببيئة استثمارية خالية من الفساد حيث يأمن المستثمرون على
أموالهم من الابتزاز ويضمنوا منافسة شريفة مع الآخرين. وغيرتهم على سمعة بلادهم
الدولية وكأنهم في سباق وتنافس مع الدول الأخرى في الحفاظ على المركز الأول في
النزاهة ومكافحة الفساد حيث يؤكدون على ذلك من حين لآخر وكذلك كان يفعل إعلامهم
الذي تلحظ فيه بعض الامتعاض من حكم المحكمة العليا بإبرازهم التفاوت بينه وبين مساعي
المدعي العام الذي كان يطالب بسجن الفاسدين سبع سنوات وقد استخدموا ألفاظا تشير
بشكل واضح إلى ذلك، والمقصد من إبراز هذه النقطة أن إعلامهم لم يطبل لحكم المحكمة
رغم أنه لا بأس به كما ذكر المدعي العام.
3- تابع
الإعلام المحاكمات منذ بدايتها ونشر صور المتهمين واسمائهم وسيرهم الذاتية ونشر
حكم الإدانة الابتدائي ونشر حكم المحكمة الأولى بعكس ما يجري في بلادنا فعلى سبيل
المثال قاضي الجني حتى الان لا نعلم شكله ولا اسمه ولا نعلم بالضبط ما جرى تماما
في محاكماته. ومثال آخر في قضية سيول جدة حتى الان لا نعلم من هم المتهمين وما هي أسمائهم
ومراكزهم وأدوارهم المتهمين بها وما جرى في محاكماتهم من خلال محاضرها.
4- في هذه
المحاكمة العادلة تم نشر كامل محاضر المحاكمة أكثر من 1231 صفح، تجدها هنا: https://assets.documentcloud.org/documents/3226919/Transcripts-for-Hudson-Borlase-and-George.pdf
5- للمحامون
والمختصون سيجدون فوائد كثيرة في محاضر الجلسات لاسيما في افتتاح المحاكمة بالاستجواب
المرهق للخبير المحاسبي وتقييم خبراته العلمية والعملية ومدى مصداقيته وألمامه
التام بكل تفاصيل القضية بصفته المحقق المنتدب من قبل مكتب مكافحة جرائم الاحتيال.
استجوابه أمر عجيب يبين مدى تخلف محاكمنا في استجواب أي كان فضلا عن استجواب
الخبراء ومدى بحث محاكمهم عن العدالة وعدم الاكتفاء بلائحة ادعاء المدعي العام وما
يقدمه، فالتحقيق النهائي والتدقيق في القضية هو أمام عدالة المحكمة من جميع أطراف
المحاكمة وليس أطراف القضية فقط.
6- هذه
المحاكمة تظهر الفرق بين الدول الغير جادة في مكافحة الفساد ويخون القائمين عليها
سمعتها والأمانة الموكلة لهم ولا ثيبالون بثقة مواطنيهم في أجهزة الدولة بل يجعلون
الفساد هو أحد مصادر الرزق الأساسية لموظفي الدولة، والتي يشكل فيها هؤلاء الخونة أكبر
خطر وتهديد لوجودها واستقرارها، والفرق بين الدول الجادة على مكافحة الفساد
والحفاظ على ثقة مواطنيها في مؤسسات الدولة وثقة المستثمرين في بيئة الاستمثار التي
سيأمنون على أموالهم فيها، وغيرتها على سمعة البلاد عالميا كشرف ومصدر فخر للدولة.
المصدر: http://www.nzherald.co.nz/business/news/article.cfm?c_id=3&objectid=11804783
تعليقات
إرسال تعليق
تسعدني قراءتك وتفاعلك مع المقال